لكل السوريين

بوادر فتنة في محافظة السويداء.. والأهالي يواجهونها بحزم

السويداء/ لطفي توفيق 

شهدت محافظة السويداء محاولة لإثارة فتنة بين عشائر المحافظة البدوية، وبين أهالي المحافظة الآخرين، ولاقت هذه المحاولة استنكار معظم أهالي المحافظة على اختلاف انتماءاتهم.

حيث استنكرت منظمات المجتمع المدني بالمحافظة جرائم القتل تحت التعذيب، والتمثيل بجثة أحد القتلى من عشائر المحافظة، وحذّرت من أنها خطوة باتجاه إثارة الفتنة بين أهلها.

كما استنكرت الهيئات الدينية بالمحافظة هذه الجرائم، ودعت إلى التصدي لها، والحفاظ على وحدة الصف التي تميزت بها المحافظة.

وصدر بيان عن دار الزعامة التقليدية بالمحافظة جاء فيه “نؤكد على عمق العلاقة الأخوية والوطنية بيننا وبين العشائر البدوية الأصيلة في محافظة السويداء”.

كما أعلنت “الهيئة الاجتماعية للعمل الوطني” وهي تيار مدني معارض عن رفضها لـ “جر المحافظة إلى الاقتتال الداخلي والفتن مع الجيران”.

وكانت “قوات مكافحة الإرهاب” التابعة لما يسمى “حزب اللواء السوري”، التي قامت بهذه الجرائم، قد سعت لحلحلة الموضوع عبر التواصل مع عشائر البدو التي رفضت التجاوب معها. فتواصلت مع وجيه عشائري مقيم  في الأردن، للاتفاق معه على تسليم جثة الشاب الذي قتل تحت التعذيب، وإطلاق سراح المخطوف الحي، مقابل سكوته عما جرى معه.

بيان مثير للشكوك

وصدر بيان مشترك تضمّن اتفاقاً على “وأد الفتنة ومواجهة كل من يسعى إليها”، وقعت عليه “قوات مكافحة الإرهاب”، و”حزب اللواء السوري”، وقائد “تجمع أحرار العشائر”، الذي وقع عليه دون ذكر اسمه.

وذكرت مصادر محلية أنه راكان الخضير، المقيم حالياً في الأردن، وكان يتزعم فصيلاً عسكرياً معارضاً ينشط في درعا واللجاة، قبل اتفاق التسوية في الجنوب عام 2018.

وجاء في البيان المقتضب إن “الاشتباك الذي حصل هو أمر واقع وقد انتهى بمجرياته وإن من تعدى لقي حتفه”، في إشارة إلى الاشتباك الذي وقع على حاجز لقوات مكافحة الإرهاب، غربي بلدة المزرعة، وأسفر عن مقتل شاب من أبناء عشائر بدو السويداء وتعليق جثته في ساحة البلدة.

وأشار البيان إلى أن “قوات مكافحة الإرهاب تعترف بأن التمثيل بالجثث هو أمر مسيء حسب الأعراف والتقاليد الإنسانية، وسوف نقوم بالتحقيقات اللازمة لمعرفة العناصر الذين ارتكبوا هذا الأمر المسيء ومحاسبتهم”.

وحسب البيان تعاهد الطرفان على تشكيل لجنة مشتركة لمتابعة التحقيقات حول وفاة شاب آخر تحت التعذيب، وقبول ما تقرره هذه اللجنة.

اعترافات تحت التعذيب

وكان الشاب الذي تعرض للخطف بعد ساعات من اشتباك حاجز المزرعة، قد ظهر في مقطع مصور ومعالم الضرب واضحة على وجهه، وفي الخلفية راية حزب اللواء، وهو يعترف بالتعامل مع الأمن العسكري والتحضير لمهاجمة حاجز القوات، وذكر أسماء متورطين معه في تجارة المخدرات، وتبيّن أن بعضهم أموات منذ سنوات، وهو ما ألقى بظلال الشك على الاعترافات المصورة التي بثتها “قوات مكافحة الإرهاب”، وأضعف شهادة الشاب التي اعتبرها كثيرون أنها منتزعة منه تحت التعذيب.

وأخطر ما حمله المقطع المصور هو ذكر اسم أحد أبرز وجهاء السويداء، والزعم أن له علاقة سابقة بسرقة السيارات، فيما اعتبرته مصادر محلية تحريضاً مباشراً على الفتنة التي يسعى إليها “حزب اللواء السوري”.

وبعد  صدور البيان، تم الإفراج عن المختطف وسط أنباء عن وجود اتفاق بين تلك الأطراف، على تسليم جثة الآخر، حيث نص الاتفاق على استلام مدير أوقاف السويداء وقائد شرطتها للجثة في بلدة المزرعة، ولكن قائد الشرطة رفض ذلك، وطلب تسليم الجثة لمخفر بلدة المزرعة.

غضب العشائر

لم يقنع البيان المثير للشكوك عشائر بدو السويداء فأصدرت بياناً باسم “أبناء العشائر العربية في السويداء” نفت فيه صحة تمثيل “قائد تجمع أحرار العشائر” لها، مؤكدة أن ذلك “فبركة من زمرة خارجة عن الله والوطن ارتهنت للخارج وباعت نفسها لأعداء الوطن مقابل حفنة من الدولارات”.

وجاء في البيان “كلنا أمل بعقلائنا ومشايخنا الكرام ووجهائنا الأفاضل وأخوتنا شرفاء الجبل أن نكون يداً واحدة في إحقاق الحق وسيادة القانون بما يتوافق مع أعرافنا وتقاليدنا المشتركة التي ورثناها معاً، وسنورثها إلى الأبناء والأحفاد”.

وكان أحد وجهاء عشيرة “الشنابلة” التي ينحدر منها الشابان قد قال إن مشاهد تعليق الجثة استفزت أبناء عشائر بدو السويداء، وأكد على ضرورة تحكيم لغة العقل والمنطق.

وناشد العقلاء في المحافظة التدخل وقطع دابر الفتنة.