لكل السوريين

حراك شعبي ضد حزب النهضة في تونس.. الرئيس يجمّد عمل البرلمان ويقيل الحكومة

تقرير/ لطفي توفيق

بعد التظاهرات والاحتجاجات الشعبية التي اندلعت في عدة مدن تونسية احتجاجاً على إخفاقات الحكومة، وتجمع مئات المتظاهرين أمام البرلمان وترديدهم لهتافات ضد حزب النهضة، ورئيس الوزراء هشام المشيشي، ورفعهم لشعار “الشعب يريد حل البرلمان”.

جمّد الرئيس التونسي قيس سعيد أعمال البرلمان، وأقال رئيس الوزراء من منصبه، وأعلن أنه سيتولى رئاسة السلطة التنفيذية، بمساعدة رئيس وزراء جديد يعينه هو.

ووصف الرئيس سعيد ما قام به بأنه يتماشى مع الدستور التونسي الذي يسمح له بتعليق عمل البرلمان “إذا كان هناك خطر وشيك”.

وتدفق آلاف التونسيين إلى الشوارع احتفالا بقرارات الرئيس، وانضم الرئيس إلى حشد منهم وسط تونس العاصمة، ليشاركهم الاحتفال، حسبما أظهرت لقطات للتلفزيون الحكومي.

وجاءت هذه التطورات بعد شهور من الخلافات بين الرئيس سعيد من جهة، ورئيس الوزراء، والبرلمان، من جهة أخرى، وهو ما عمّق الأزمة الاقتصادية التي فاقمها وباء فيروس كورونا في تونس.

تحذيرات متبادلة

في رد فعله على قرارات سعيد، قال رئيس الوزراء التونسي إنه سوف يسلم سلطاته إلى أي شخص يحدده الرئيس، مؤكدا أنه لا يريد أن يلعب دور “العنصر المعطل” فيما يحدث في البلاد في الوقت الراهن.

ويتماشى موقف المشيشي، الذي أعلنه عبر حسابه على فيسبوك، مع مناشدات المجتمع الدولي لجميع الأطراف في تونس بضبط النفس.

بينما اتهم رئيس مجلس النواب راشد الغنوشي الرئيس بتنفيذ “انقلاب على الثورة والدستور”.

وقال الغنوشي الذي يترأس حركة النهضة ذات التوجه الإسلامي “نحن نعتبر أن المؤسسات لا تزال قائمة، وسيدافع أنصار النهضة والشعب التونسي عن الثورة”.

وشكك المراقبون باستعداده للحوار، وتقديم تنازلات لاستمرار العملية الديمقراطية كما ادّعى.

في حين تعهد الرئيس سعيد بالرد على أي عنف بالقوة العسكرية، قائلاً “إنني أحذر كل من يفكر في اللجوء الى السلاح… ومن يطلق رصاصة، سترد عليه القوات المسلحة بالرصاص”.

شبح الجهاز السري

مع سقوط حركة النهضة المتوقع بسبب تردي الأوضاع السياسية والاقتصادية في تونس، ووصولها إلى حافة الهاوية، يتخوف المتابعون للشأن التونسي من تحركات عنف مرتقبة للحركة رداً على قرارات الرئيس قيس سعيد.

ويجمع المراقبون على أن حركة النهضة ستلجأ للعنف وحشد الأنصار لانتزاع مساحة تفاوضية مع مؤسسات الدولة التونسية في ظل حالة الرفض الشعبي الكبير لها، مرجحين استدعاء سيناريو العنف الذي مارسه الإخوان في مصر لتحقيق أهدافهم.

وكانت سلطات التحقيق التونسية قد أفرجت عن معلومات خلال الأعوام الماضية حول طبيعة عمل الجهاز السري للإخوان الذي يضم جهازاً استخباراتياً داخل الدولة يتألف من 21 ألف عنصر تم دمجهم في الإدارة التونسية، بمقتضى قانون العفو التشريعي العام، وأخذوا مواقع حساسة من خلال مصلحة إدماج المعطيات للمركز الوطني للإعلام، التي تعد في قلب منظومة الانتخابات في البلاد.

الأزمة السياسية

سادت الخلافات منذ فترة طويلة، العلاقة بين الرئاسة التونسية من جهة، وبين البرلمان والحكومة من جهة أخرى، وظهرت بوضوح خلال الأزمات الدستورية المتلاحقة، وخاصة فيما يتعلق بالتعديل الحكومي المعطل منذ كانون الثاني الماضي، وبقانون المحكمة الدستورية الذي رفض الرئيس تمريره بعد التصديق عليه في البرلمان.

ووصلت هذه الخلافات إلى طريق مسدود، مما دفع الرئيس التونسي إلى تجميد أعمال البرلمان، وإقالة الحكومة.

وكان الرئيس قد دعا إلى حوار وطني، خلال لقائه مع عدد من رؤساء الحكومات السابقين، في محاولة لإيجاد حلول للأزمة السياسية والاقتصادية التي تتخبط فيها البلاد، والاتفاق على نظام سياسي جديد، وتعديل دستور عام 2014.

كما طالب في كلمة وجهها إلى الرأي العام، بحوار وطني يمهد لإصلاحات سياسية من أجل وضع نظام سياسي ونظام انتخابي جديدين.

ردود فعل

تباينت ردود الفعل الدولية على أحداث تونس بين مرحب بها، ومستنكر لها.

فقد حثت واشنطن الرئيس التونسي على “احترام الديمقراطية وإجراء حوار مع الأطراف السياسية”.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية: “على تونس ألا تهدر مكاسبها الديمقراطية، وسوف تواصل الولايات المتحدة دعم الديمقراطية التونسية”.

في حين قالت المتحدثة باسم البيت الأبيض، إنه لا يزال من المبكر للغاية الحكم على إجراءات الرئيس التونسي بأنها انقلاب، مؤكدة أن وزارة الخارجية الأمريكية سوف تقوم بتحليل قانوني لما حدث.

وفي تركيا، علق ياسين أقطاي، مستشار رئيس النظام التركي على أحداث تونس بقوله “إن قوى الشر العربية والغربية أبت إلّا أن تتآمر على إرادة الشعب التونسي”.

وبتحريض واضح أضاف أقطاي “إن خروج المواطنين للدفاع عن إرادتهم وحريتهم والتصدي بكل حزم لمحاولة الانقلاب على المؤسسات المنتخبة هو أمر حتمي ولازم ومشروع، وعلى الأحزاب السياسية الممثلة في البرلمان أن تلتحم بالجماهير لمنع نجاح محاولة الانقلاب، وإعادة المسار الديمقراطي”.

ويرى المراقبون أن ارتدادات أحداث تونس التي أطاحت بسلطة الإخوان، ستطال مختلف الحركات الإخوانية في المنطقة، وستسهم بإضعافها، وتحول دون تمددها في الدول العربية، بدعم من رئيس النظام التركي رجب طيب أردوغان.