لكل السوريين

نهر الفرات.. جفاف مياه أم جفاف ضمائر؟!

لست مختصاً في القانون الدولي، ولست مطلعاً على المعاهدات والمواثيق الدولية المثبتة لدى الأمم المتحدة مع أنَّني متأكد أنَّ ما يكتب ويبرم تحت الطاولة في الظل أكثر بكثير ممّا يكتب ويبرم فوق الطاولة بالنور.

ولكن سأتحدث عن هذه الجريمة كمواطن سوري يعنيه كل ما يحدث في بلده.

إنَّ  أزمة مياه الفرات طفت على السطح منذ الثمانينيات في القرن الماضي، وإلى اليوم لم يوجد لها حل، ولا يكاد يخلو عام لم تلجأ فيه الدولة التركية  لاستخدام هذا السلاح اللاإنساني كوسيلة ضغط على المنطقة، ودائما شعوب المنطقة هي من تدفع الثمن.

سلاح قطع المياه استخدم كثيراً عبر التاريخ في الكثير من المعارك، ولست بصدد ذكرها، ولكن كان هذا السلاح موجهاً ضد جيوش نظامية، الأمر الآن يختلف تماماً عما يجري في الحروب حين تستخدم دولة مثل تركيا هذا السلاح  فأي معركة تقصد؟! ،

وما هي هذه المعركة ومع من ؟!،قد يتساءل البعض ضد من تستخدم هذا السلاح؟!

ولكن الإجابة صعبة، وتعبر عن مدى قذارة هذه المعركة، في الحقيقة هذه المعركة تستهدف كل شعوب المنطقة دون استثناء،

لا يخفى على أحد ما تمر به المنطقة من أزمات متعددة، وأخطر هذه الأزمات أزمة تفشي وباء كورونا، والذي عصف بمعظم دول العالم، وفرض على شعوب المنطقة ديقاً معيشياً بسبب فترات الحظر، وفرض نظاماً صحياً جديداً يتطلب النظافة، والتعقيم.. إلخ ،وقطع المياه في هذه الفترة يشكل كارثة حقيقة من شأنها تهديد حياة، ومصادر رزق ملايين السورين في ظل صمت محلي ودولي من السلوك العدائي للدولة التركية، ففي الجهة المقابلة نجد نظاماً منتهي الصلاحية شعبياً يبحث من خلال داعميه الدوليين لتجديد شرعيته دولياً،عن طريق مسرحية هزلية للانتخابات، ولا يعير رأي الشارع السوري أي اهتمام، وحلفاء النظام أيضاً ليسوا أفضل حالاً فروسيا التي قدمت نفسها ضامناً لم تضمن سوى بقاء هذا النظام جاثماً على صدور السوريين، ولم تحرك ساكناً تجاه هذه الكارثة لا هي ولا النظام السوري، وأيضاً تجاه عشرات المناطق التي تحتلها تركيا بل على العكس جرت عملية احتلال عشرات المناطق السورية، بالتنسيق مع الطرف التركي بما عرف بمسار أو مفاوضات أستانه.

ولس من باب الصدفة تزامن حملة النظام للترويج للانتخابات مع حملة تعطيش منطقة شمال وشرق سوريا الخارجة عن سيطرة النظام، وحسب وجهة نظري الشخصية أرى أن كل هذه الأمور مرتبطة ببعضها فروسيا من خلال حليفها  التركي في مسار استانة  تضغط على المنطقة في محاولة ابتزاز فاشلة لإخضاع المنطقة لسطلة الجلاد من جديد، وهذا يفرض على سكان هذه المنطقة مسؤولية كبيرة في تحمل هذا الضغط من خلال اتباع أنظمة ترشيد استهلاك المياه في هذه الفترة العصيبة.

ما يحصل بالفعل يفضح كل أنظمة العالم الذي يدعي التحضر حيث أن المجتمع الدولي، وخلال فترة العشر سنوات الأخيرة لم يقف مع الشعب السوري في أي من قضاياه العادلة فقط كان الدعم الدولي مكرس لمحاربة القوى الإرهابية، وسبب هذا خشيتهم من انتقال تأثير هذه القوى إليهم ، ولم يكن موقفهم منها من باب سلامة الشعب السوري حقيقة المجتمع الدولي، وكل الوسط المحيط بالشعب السوري يعاني من أزمة جفاف الضمير الإنساني ولا يبالي لحياة وأمن وسلامة الملايين في سبيل استمرار مصالحهم، ولكن إن عدنا للتاريخ نجد أن تاريخ هذه المنطقة العريق، والذي ارتبط اسمه مع اسمي نهري الفرات ودجلة ونجد مئات الدول، والممالك والحضارات التي سكنت هذه الجغرافيا، و الشعوب التي أحيت هذه المنطقة ، والتي أعمارها أكبر من عمر دولة الاحتلال التركية، وأكبر من أعمار كل الدول المتآمرة على شعوب هذه المنطقة، ومن هنا يجب أن نكون واثقين من فشل جميع المخططات التي تهدف إلى النيل من هذه المنطقة واخضاعها عبر هذه الأساليب الإجرامية الرخيصة.