تشهد مناطق شمال وشرق سوريا مؤخرًا تصاعدًا في التحذيرات الأمنية على خلفية تقارير استخباراتية وإعلامية تشير إلى عودة تنسيق بين مجموعات من فلول تنظيم “داعش” الإرهابي، بعد هدوء نسبي خلال الفترة الماضية. ورغم الضربات المتتالية التي تلقاها التنظيم، فإن بقاياه لا تزال تشكّل خطرًا داهمًا على أمن واستقرار سوريا والمنطقة ككل.
في البادية السورية وعلى أطراف دير الزور والرقة، رُصدت تحركات مشبوهة لخلايا نائمة مرتبطة بتنظيم “داعش”، استغلت الانشغال الإقليمي والدولي بقضايا أخرى لتعيد تنظيم صفوفها وتنفيذ عمليات اغتيال وتفجيرات متفرقة. وتؤكد مصادر محلية أن المرتزقة الذين فرّوا من مناطق الاشتباك في السنوات الماضية بدأوا في العودة عبر الحدود غير المضبوطة، مستفيدين من الفوضى الأمنية في بعض المناطق.
عودة مرتزقة “داعش” لا تهدد سوريا فقط، بل تمتد آثارها إلى العراق، وتهدد مصالح أمنية دولية في حال لم يتم التصدي لها بفعالية. فالفكر المتطرف الذي يحمله التنظيم ما زال يشكل بيئة خصبة للتجنيد، خصوصًا في المخيمات المزدحمة مثل مخيم “الهول”، الذي يضم آلاف النساء والأطفال المرتبطين بالتنظيم، ما يجعله قنبلة موقوتة إن لم تتم معالجته سياسيًا وأمنيًا.
“قسد “في مواجهة الإرهاب
في ظل هذا الواقع، تواصل قوات سوريا الديمقراطية (قسد) تصدّر خط المواجهة في الحرب ضد الإرهاب. ومنذ تأسيسها، لعبت “قسد” دورًا محوريًا في دحر “داعش” في معاقله الرئيسية كالرقة والباغوز. واليوم، تواصل تنفيذ حملات أمنية دقيقة بالتعاون مع التحالف الدولي، لضبط الخلايا النائمة وتفكيك شبكات التهريب التي تسهّل عودة المرتزقة.
وقد أثبتت “قسد” كفاءتها في ملاحقة العناصر المتطرفة، مع الحفاظ على توازن دقيق بين العمليات العسكرية والأمن المجتمعي، لا سيما في مناطق ذات حساسية عشائرية وقومية. كما طالبت مرارًا المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته تجاه ملف المعتقلين الدواعش ومخيمات النساء والأطفال، محذّرة من تداعيات ترك هذا الملف دون حلول جذرية.
وسط هذه التحديات، تبرز الحاجة إلى دعم دولي متجدد لجهود “قسد” والقوى الأمنية المحلية في شمال وشرق سوريا. فاستمرار الضغط الأمني والعسكري على خلايا “داعش” يتطلب إمكانيات لوجستية واستخباراتية، إضافة إلى دعم سياسي يعزز الاستقرار طويل الأمد في المنطقة.
وفي ظل التهديدات المتزايدة، يبدو أن الحرب ضد الإرهاب لم تنته بعد، وأن أمن سوريا والمنطقة لا يزال مرهونًا بقدرة الأطراف الفاعلة على التنسيق، والاعتراف بالدور الحيوي الذي تؤديه “قسد” في صد تمدد الإرهاب المتجدد.