شهدت مدينة جدة السعودية انطلاق محادثات أميركية أوكرانية لبحث سبل التوصل إلى وقف لإطلاق النار بين كييف وموسكو.
وأفضت هذه المحادثات إلى إعلان كييف موافقتها على اقتراح الرئيس دونالد ترامب وقف إطلاق النار لمدة ثلاثين يوماً، وتوقيعها اتفاق الثروات الطبيعية مع الولايات المتحدة، مقابل استئناف واشنطن المساعدات العسكرية وتقديم المعلومات الاستخباراتية لأوكرانيا.
وأشار ترامب إلى أن الوفد الأميركي بحث مع الأوكرانيين في جدة الأراضي التي ستتخلى عنها كييف بموجب التسوية.
وعلى الصعيد الروسي، قال إن مبعوثه الخاص ستيفن ويتكوف إلى جانب مسؤولين أمريكيين آخرين أجروا مباحثات “جادة للغاية” في روسيا بشأن تسوية النزاع في أوكرانيا.
وأكد أن موقف الرئيس الروسي “واعد تجاه وقف إطلاق النار”، وأنه تلقى إشارات جيدة من موسكو.
وبدوره أعلن الرئيس بوتين موافقة موسكو على مقترح واشنطن وقف إطلاق النار في أوكرانيا، وشدد على أن هذه الخطوة يجب أن تؤدي إلى سلام دائم يزيل أسباب الأزمة الجذرية، وأكد على ضرورة وجود ضمانات لعدم استغلال نظام كييف للهدنة.
ويرى مراقبون أن مجموعة من العوائق والإشكاليات قد تعيق جهود الرئيس الأميركي الرامية إلى وقف هذه الحرب التي تعهد به خلال حملته الانتخابية، وبعد وصوله إلى البيت الأبيض.
إشكالية القوات الأوروبية
طلبت أوكرانيا من حلفائها الأوروبيين نشر وحدات عسكرية على أراضيها فور انتهاء النزاع مع روسيا لحمايتها من أي هجمات روسية مستقبلاً.
واجتمع وزراء دفاع فرنسا وألمانيا وإيطاليا وبولندا وبريطانيا في باريس لبحث نشر قوات حفظ سلام إذا تم التوصل إلى اتفاق سلام مع روسيا، ولم يحددوا أي تفاصيل بشأن حجم أو طبيعة هذه القوات.
ورفضت موسكو فكرة نشر قوات لحفظ السلام، وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا “من غير المقبول مطلقاً بالنسبة لنا أن تتمركز وحدات عسكرية من دول أخرى في أوكرانيا تحت أي راية”.
وأضافت “سواء كانت فرقة أجنبية أو قاعدة عسكرية، كل هذا يعني إشراك هذه البلدان في نزاع مسلح مباشر مع بلدنا”.
وأشارت إلى أن روسيا ستتخذ الإجراءات المناسبة إذا حاولت أي دولة نشر قواتها في أوكرانيا.
إشكالية الوضع الميداني
كانت منطقة كورسك التي تحتلها أوكرانيا أهم أوراق المساومة القليلة بيد كييف لتبادل الأراضي مع روسيا التي احتلت خمس مساحة أوكرانيا منذ أن ضمت شبه جزيرة القرم عام 2014، وبدأت غزوها الشامل لأوكرانيا في شهر شباط عام 2022.
ولكن القوات الأوكرانية في كورسك تواجه وضعاً عسكرياً بالغ الصعوبة، إذ لم تعد تسيطر إلّا على جزء محدود من الأراضي التي كانت بحوزتها، مما يقلل من أهمية هذه الورقة.
وفي ظل التقدم الروسي، أمرت السلطات الأوكرانية بإخلاء 8 قرى وبلدات حدودية متاخمة لكورسك، وأشار رئيس الأركان الأوكراني إلى أن بعض قواته تنسحب بالفعل من المنطقة.
وزار بوتين كورسك لأول مرة منذ أن احتلتها أوكرانيا، وأعرب عن أمله في أن يتمكن جيشه من تحرير أراضي بلاده الخاضعة لسيطرة كييف.
وطالب باستسلام القوات الأوكرانية في كورسك، وقال “إذا ألقوا أسلحتهم واستسلموا فسيتم ضمان حياتهم، وسيعاملون بكرامة وفقاً لمعايير القانون الدولي والقانون الروسي”.
عزل روسيا عن الصين
بدت أولى بوادر التحول الأميركي نحو روسيا عندما أجرى ترامب اتصالاً هاتفياً مع بوتين الشهر الماضي، استمر لمدة ساعة ونصف.
ودعمت الولايات المتحدة روسيا في التصويت داخل الأمم المتحدة بمناسبة الذكرى الثالثة لاندلاع الحرب في أوكرانيا، وامتنعت عن إدانة روسيا لغزوها الأراضي الأوكرانية.
وشكلت هذه الخطوات الرامية إلى دعم روسيا والابتعاد عن الحلفاء الأوروبيين تغييراً جذرياً في سياسة الولايات المتحدة الخارجية، ومع ذلك لا يزال من غير المؤكد إذا كان هذا المسعى يشير إلى تبنّي استراتيجية أمريكية جديدة لسياستها الخارجية.
ولكن من الواضح أن واشنطن تحاول عزل روسيا عن الصين لتتمكن من مواجهة سعيها إلى تشكيل عالم جديد لا تكون الولايات المتحدة القوة الرئيسية الوحيدة فيه.
وكان وزير الخارجية الأمريكي، قد أوضح في حديثه لمنصة “بريتبارت” الإخبارية في الخامس والعشرين من الشهر الماضي، أن ترامب وإدارته يطمحون إلى تقويض العلاقات الروسية الصينية.
وقال “أرى أن بقاء روسيا في مركز الشريك الثانوي للصين، واضطرارها لتنفيذ أي شيء تقوله لها الصين، ليس بالمآل الجيد لروسيا، ولا لأمريكا أو لأوروبا أو حتى للعالم أجمع”.
وأشار إلى أن هذا الوضع سيكون خطيراً على الولايات المتحدة، لأن “الأمر يتعلق بقوتين نوويتين متحالفتين ضد الولايات المتحدة”.
يذكر أن قناة “فوكس نيوز” قد كشفت عن خطة موسكو وواشنطن لحل النزاع في أوكرانيا،
وقالت القناة إن روسيا والولايات المتحدة اقترحتا خطة للسلام في أوكرانيا من ثلاث مراحل تشمل وقف إطلاق النار، وتنظيم انتخابات في أوكرانيا، والتوقيع على الاتفاق النهائي.
وبحسب القناة، يعتبر الجانبان الروسي والأميركي إجراء الانتخابات في أوكرانيا أحد الشروط الأساسية لتحقيق النجاح في مفاوضات حل النزاع الأوكراني.