بتصرف وإعداد انعام إبراهيم نيوف
نحيي مع شعوب العالم وكل القوى المناهضة للعنف والتمييز والمدافعة عن قيم التسامح والمواطنة والمساواة والكرامة الإنسانية، يوم الثامن من اذار من كل عام، اليوم العالمي للمرأة، ونتقدم من جميع نساء العالم بالتهنئة والمباركة ونحيي نضالات الحركة النسائية المحلية والعالمية، ونعلن تضامننا الكامل مع المرأة في سورية من أجل تمكينها من حقوقها والعمل من أجل إزالة كافة أشكال التمييز والعنف الذي تتعرض له.
بعد أن سادت منذ آذار عام 2011 مناخات الحروب والعنف والتي عصفت بمجمل منظومة حقوق الإنسان، ما أدى الى السقوط المتزايد للضحايا ومع تزايد حجم التدمير والخراب، وتزايد أعداد اللاجئين والفارين والنازحين والمنكوبين، مع تزايد الاعتداءات وتنوعها ومختلف الفظاعات و وارتكاب الانتهاكات الجسيمة بحق حياة وحريات المواطنين السوريين ,بالتأكيد كانت المرأة ومازالت اولى ضحايا هذا المناخ المؤلم والأليم, وعلى نطاق واسع, فقد ارتكبت بحقها جميع الانتهاكات من القتل والخطف والاختفاء القسري والتعذيب والاغتصاب والتهجير القسري والاعتقال التعسفي, وتحملت المرأة العبء الأكبر في الأزمة السورية, فقد تم زجها في خضم حروب دموية ومعارك لم تعرف البشرية مثيلا لها بأنواع وصنوف القتل التدمير, وأمست المرأة السورية حاضنة الضحايا :القتلى- الجرحى-المخطوفين-المعتقلين-المهجرين-النازحين، فهي أم وأخت وأرملة الضحية، ومربية أطفال الضحية.
وأصبحت هدفاً للقتل بكل أشكاله، والتهجير والفقر والعوز، والتعرض للاعتداء والعنف الجسدي والمعنوي وانتهاك كرامتها وأنوثتها، بل وضعتها ظروف اللجوء في أجواء من الابتزاز والاستغلال البشع, علاوة على ذلك, فإن وضع المرأة السورية يزداد سوءا وترديا في المناطق، “التي تسمى بالمحررة بحسب التوصيف السياسي والإعلامي”، تحت ظل فتاوى رجال دين وتشريعاتهم التي طالت المرأة ولباسها وسلوكها وحياتها, حيث انزلت المرأة إلى مراتب دون مستوى البشر، مقيدة حريتها بشكل كامل، وموجهة الأجيال الصاعدة نحو ثقافة تضع المرأة في مكانة دونية قد تصل حدّ جعلها سلعة تباع وتشرى ويرسم مصيرها من دون الاكتراث بكيانها الإنساني.
لا يمكننا إلا أن نحتفي بهذا اليوم العظيم تقديرا للمرأة وتكريما لدورها ووفاء لتضحياتها، وإصرارا على ضرورة تحسين أوضاعها وإعلاء منزلتها وتعزيز ثقافتها وانتزاع حقوقها وإقرارها، لتكن منارة تضيء طريق السلم والسلام في سوريا
ولابد لي من الإشارة إلى مصطلح الشرعة الدولية والتي هي مجموعة الصكوك التي تم إعدادها من قبل لجنة حقوق الإنسان للدلالة على ثلاثة من أهم وثائق حقوق الإنسان وهي:
الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية إضافة الى البروتوكولين الاختياريين الأول والثاني المتعلق بإلغاء عقوبة الإعدام.
تعد الشرعة الدولية لحقوق الإنسان الأساس الأخلاقي والقانوني لكافة أنشطة الأمم المتحدة ذات الصلة بحقوق الإنسان وبأنها حجر الأساس للنظام الدولي المتعلق بحماية وبتشجيع حقوق الإنسان.
خصائص حقوق الانسان
تختص حقوق الإنسان وحرياته الأساسية ببعض الخصائص التي تميزها عن غيرها من أنواع الحقوق والحريات وهذه الخصائص هي:
1- حقوق الإنسان لها طابع العالمية فهي لكل بني البشر أينما كانوا ومهما كانوا رجالاً ونساء.
2- حقوق الإنسان ليست منة من أحد، وهي ثابتة لكل إنسان سواء تمتع بها أم حرم منها واعتدي عليها.
3- حقوق الإنسان غير قابلة للتجزؤ.
4- حقوق الإنسان لا تقبل التصرف بالتنازل عنها فهي ثابتة لكل إنسان حتى مع عدم الاعتراف بها من قبل دولته.
5- حقوق الإنسان متطورة ومتجددة فهي تواكب تطورات العصر في تجذرها وتجددها لتشمل مختلف مناحي الحياة.
أركان حقوق الإنسان:
إن فلسفة حقوق الإنسان تقوم على ركنين أساسيين، يجب توافرهما في كافة الحقوق والحريات الأساسية وكفالتهما لكافة فئات بني البشر من رجال ونساء وشيوخ وأطفال أصحاء أو معاقين يتمتعون بحريتهم أم ممنوعين منها وهذان الركنان هما
1- الكرامة الإنسانية.
2- المساواة الكاملة بين كافة البشر.
تعريف حقوق المرأة
إن حقوق المرأة تندرج ضمن الإطار العام لمجموعة حقوق الإنسان وحرياته الأساسية، فهي تشمل كافة أنواع الحقوق والحريات الأساسية، وتقسيماتها وضمانها لكافة بني البشر، رجالاً أم نساء، أطفالاً أم كباراً في السن ونتيجة لتطور مفهوم وفكرة كافة حقوق الإنسان وحرياته الأساسية فقد أصبح هناك نوع من التخصصية في طرح هذه الحقوق، سواء عبر المطالبة بصياغتها وإقرارها ضمن مواثيق دولية وتشريعات وطنية، أو التأكيد على ضرورة تطبيق هذه الحقوق الواردة في التشريعات وضمان احترامها وتفعيلها، فظهرت مصطلحات حقوق المرأة وحقوق الطفل وحقوق المعاقين وحقوق المحرومين من حريتهم، وغيرها من هذه التي تركز على حقوق فئة أو شريحة معينة، إلا أنه يجب التأكيد على المناداة بهذه الحقوق لأية فئة أو شريحة مما سبق ذكرها لا يخرجها عن إطارها العام وهو حقوق الإنسان وحرياته الأساسية بل المقصود من المناداة بالتخصصية، توفير المزيد من الحماية والضمانات لهذه الفئات عبر إقرار المواثيق الدولية والتشريعات الوطنية التي تضمن بعض الحقوق لهذه الفئات.
أما بالنسبة لمصطلح حقوق المرأة فقد أخذ هذا المصطلح حيزاً أكبر من الاهتمام المتنامي يوماً بعد يوم ، وذلك على الصعيدين العالمي والوطني، وأصبحت هناك منظمات وجمعيات واتحادات عالمية وإقليمية ووطنية ترفع لواء المطالبة بتقرير وتطبيق هذه الحقوق.
وتتلخص الغاية الأساسية في المطالبة بحقوق المرأة بضمان تطبيق المساواة الكاملة بين الرجل والمرأة في التمتع بالحقوق المختلفة سواء أكانت سياسية أم مدنية أم اقتصادية أم ثقافية أم اجتماعية، إضافة الى ما سبق ذكره من تحقيق مزيد من المكاسب في تقرير هذه الحقوق للمرأة وضمان فاعلية التطبيق لهذه الحقوق على أرض الواقع فلا يكفي مجرد تضمين القوانين والتشريعات الوطنية لهذه الحقوق للمرأة، إن كان ذلك يعتبر بحد ذاته مكسباً هاماً إلا أن العبرة في التطبيق العملي لهذه الحقوق وتمتع المرأة بها.
ماهية حقوق المرأة:
إن حقوق المرأة وهي حقوق متفرعة من حقوق الإنسان، أصبحت تأخذ منحى التخصصية ولها شقان متممان لبعضهما البعض:
الشق الأول:
يتمثل في النصوص التي تؤكد على حقوق المرأة وحرياتها الأساسية في المواثيق العامة لحقوق الإنسان، كالإعلان العالمي والعهد الدولي للحقوق المدينة والسياسية، والعهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وغيرها من المواثيق التي تضمنت الكثير من النصوص التي تقرر وتحمي حقوقاً معينة للمرأة، وتسبغ عليها خصوصية معينة للتأكيد على احترامها وضمان تقريرها في التشريعات الوطنية.
أما الشق الثاني:
فيتمثل في المواثيق الدولية الخاصة بحقوق المرأة وحرياتها الأساسية، والتي توجهت الى المرأة بشكل خاص دون الحديث عن عمومية حقوق الإنسان وحرياته الأساسية، ومن هذه المواثيق إعلان القضاء على التمييز ضد المرأة، واتفاقية بشأن الحقوق السياسة للمرأة، هي حركة تصحيحية لتلافي كل قصور تشريعي، وتصويب النصوص القائمة بحيث تضمن للمرأة التمتع بحقوقها كاملة غير منقوصة، على قدم المساواة الكاملة.
فمن خلال إقرار المزيد من المواثيق الخاصة بحقوق المرأة نضمن النص على كافة الحقوق والحريات الأساسية للمرأة وفي مختلف المجالات فمهما كنت مواثيق حقوق الإنسان العامة شاملة لفئات الحقوق التي وضعت من أجلها، فلن تضمن كفالة هذه الحقوق للمرأة، بالرغم من النص على ضمان المساواة الكاملة بين الرجال والنساء في التمتع بهذه الحقوق، كما أن هناك الكثير من الحقوق التي تفرعت عن هذه الحقوق الأصلية، تطبيقاً لفكرة تجدد حقوق الإنسان ومواكبتها لمتطلبات العصر، وهذا بدوره يوجب التأكيد على هذه الحقوق ضمن إطار يضمن لها كفالتها للمرأة على وجه التحديد، كما أن إقرار المزيد من المواثيق الدولية الخاصة بحقوق المرأة يؤدي إلى إلزامية تضمين هذه الحقوق في التشريعات الوطنية للدول التي تصادق على هذه المواثيق أو تنضم إليها، وتصبح الدول ملزمة بتعديل تشريعاتها إذا تضمنت هذه التشريعات نصوصاً تتناقض مع ما جاء في هذه المواثيق من حقوق أو تحرم المرأة من التمتع بها أو تمييز بينهما.
الحماية الدولية لحقوق المرأة
فبداية عصر التنظيم الدولي لحقوق الإنسان بشكل عام، وحقوق المرأة بشكل خاص كانت مع توقيع ميثاق هيئة الأمم المتحدة، فقد أكدت ديباجة الميثاق على الايمان بالحقوق الأساسية للإنسان، وبكرامة الفرد وقدره، وبما للرجال والنساء والأمم كبيرها وصغيرها من حقوق متساوية، كما أن الفقرة الثالثة من المادة الأولى، دعت إلى تعزيز احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية للناس بلا تمييز أو تفريق بين الرجال والنساء، وهو ما أعادت تأكيده الفقرة (ج) من المادة 55 من الميثاق، ومن ثم جاء الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي نادت به الجمعية العامة لهيئة الأمم المتحدة في 10 كانون الأول 1948 ليؤكد على حقوق المرأة بالنص في ديباجته، على أن للرجال والنساء حقوقاً متساوية، كما أن المادة (2) من الإعلان لم تفرق بين الرجال والنساء في التمتع بكافة الحقوق والحريات الواردة في الإعلان، فكافة الحقوق والحريات التي نص عليها الإعلان يمكن القول بأنها حقوق للمرأة كما هي للرجل فلم تستثنى المرأة من التمتع بأي حق في الإعلان، إلا من الحق الوارد في الفقرة الثالثة من المادة 26، والتي نصت على أن (للآباء الحق الأول في اختيار نوع تربية أولادهم) وهذا الموقف مستغرب من الإعلان العالمي، الذي شدد على المساواة الكاملة بين الرجال والنساء في التمتع بالحقوق والحريات الواردة فيه، فكان من الأولى وتحقيقاً للمساواة وضماناً لحق المرأة الأم في المشاركة في اختيار نوع التربية لأولادها، أن يكون النص (للأسرة الحق الاول في اختيار نوع تربية أولادها) .
وبقيت الحماية الدولية العامة لحقوق المرأة، حاضرة وفي معظم المواثيق الدولية الخاصة بحقوق الإنسان وحرياته الأساسية، التي أعطت المرأة الحق في التمتع بهذه الحقوق والحريات، ووجوب كفالتها لها على قدم المساواة مع الرجل، إلى أن ظهرت مواثيق دولية خاصة بحقوق المرأة بشكل خاص، وكانت أولى هذه المواثيق الاتفاقية بشأن الحقوق السياسية للمرأة، والتي اعتمدت وعرضت للتوقيع والانضمام بتاريخ 20 كانون الاول 1952 وبدأ نفاذها في 7 تموز 1954، ومن بعدها جاءت الاتفاقية بشأن جنسية المرأة المتزوجة، التي اعتمدت بتاريخ 29 كانون الثاني 1957 وبدأ نفاذها في 11 آب 1958، وإعلان القضاء على التمييز ضد المرأة، الذي أصدرته الجمعية العامة بتاريخ 7 تشرين ثاني 1967 م، وإعلان بشأن حماية النساء والأطفال في حالات الطوارئ والنازعات المسلحة، الذي أصدرته الجمعية العامة بتاريخ 14 كانون الأول 1974، واتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة التي اعتمدت بتاريخ 18 كانون الأول 1979، وبدأ نفاذها في أيلول 1981، والبروتوكول الملحق بها لعام 1999 الذي بدأ نفاذه عام 2000.
وإضافة إلى هذه المواثيق الدولية الخاصة بحقوق المرأة، فقد تبنت الجمعية العامة عدة مؤتمرات حول حقوق المرأة، كان من أهمها مؤتمر إعلان مكسيكو بمناسبة الاحتفال بالسنة الدولية للمرأة عام 1975، والمؤتمر العالمي لعقد الأمم المتحدة للمرأة الذي عقد في كوبنهاجن 1980، ومؤتمر نيروبي لعام 1985، والمؤتمر العالمي الرابع للمرأة في بكين 1995.