لكل السوريين

دور منظمات المجتمع المدني السورية في مكافحة ‌الإرهاب -3-

بتصرف وإعداد أنعام إبراهيم نيوف

التحديات التي تواجه منظمات المجتمع المدني في نشاطاتها لمكافحة الإرهاب:

إن التحديات ناتجة عن وضعيتها التاريخية، لكننا سنشير إلى التحديات في هذه المرحلة التاريخية الحرجة ومنها:

تعجز هيئات المجتمع المدني والمنظمات الحقوقية في إيجاد الكيفيات والآليات الضرورية الهامة للدخول بحوار مع الأشخاص أو الجماعات المرتبطة والممارسة للعنف والإرهاب، والذي سيكون أسهل بکثير من دخول الحكومات والدول فيه، حيث أن هذه الحوارات لا تعطي الجماعات التي تمارس العنف أي نوع من الشرعية أو التبرير.

عقبة تكوينية مرتبطة بما سبق, من حيث أن الدعوات المتواصلة من هيئات المجتمع المدني والمنظمات الحقوقية لمنع الاعتقالات التعسفية والاختفاءات القسرية وإيقاف التعذيب, والتي لم تجد صدى لدى الأجهزة الحكومية السورية تاريخيا, مما خلق شکوکا أساسية بشأن جهود الدعم والدفاع والتأييد التي تقوم بها المنظمات غیر الحکومیة, ووضعها أمام تحديات کبیرة لاستمرار نشاطاتها واختبار مدى مصداقياتها وفعاليتها أمام المجتمع وأمام المنظمات التي تمارس العنف والإرهاب ,وراهنية التساؤلات حول المبادئ والموازين والفعالية والتشكيك.

إن سياسات مواجهة الإرهاب ترکت تأثيرات سلبية علی مفهوم الاختلاف في العقيدة كمفهوم ديمقراطي وحرية الراي والاعتقاد ، وقد أثرت هذه السياسات بشکل خاص علی أداء المنظمات الحقوقية والاهلية ووسائل الإعلام العامة ، بما صعب من عمل  هذه المؤسسات وتعاملها مع الحكومات والتجمعات المحلیة.

ومن التحديات الأخری, هو القلق من مسألة کون المؤسسات المدنية والمنظمات الحقوقية تشکل عائقا أمام الاجهزة الحكومية, في مواجهة  ظاهرة الإرهاب، وخاصة عبر المطالبة, في مثل هذه الظروف, تحقیق احترام حقوق الإنسان ومراعاة القوانین الانسانية والدولية, باعتبارها عناصر أساسية في استراتيجية فاعلة لمواجهة الإرهاب, کما تتهم المؤسسات المدنية بأنها تسعی لتحقيق أهداف جهات أجنبية بدل اهتمامها بالمصالح الوطنية, وما يزيد في الأمر سوءا هو تعرض المدافعين عن حقوق الإنسان للاعتقال التعسفي والاختفاء القسري والتعذيب, تحت شعار مواجهة الإرهاب ، وقد وصل هذا التعذيب أحيانا إلی تهديد سلامة حیاة بعض المدافعين عن حقوق الإنسان أيضا، لذلك یجد هؤلاء المدافعون عن حقوق الإنسان والمعرضون هم أيضا للخطر صعوبة في إيضاح الطرق والسبل الصحيحة لمنع استمرار العنف والارهاب.

أن المعوقات والتحدیات التي یواجهها المجتمع المدني والمنظمات الأهلية في العمل في مکافحة الإرهاب تعود مباشرة إلی دورها الرادع والوقائي, فعلی سبیل المثال یصعب علی هذه المنظمات العمل في ظروف ومناخات لا تتوفر على حق المشاركة و التعددیة السياسة  أو أن هذه التعددية ضعيفة وهشة, هذا في حین أن عدم وجود تعددیة  سیاسیة یوفر الأرضية الخصبة لجذب عناصر إرهابية.

بالرغم من ان بحث جذور وأسباب الإرهاب هو نتيجة لبعض البيانات والتقارير والبحوث, بأزمنة مختلفة وغير ممنهجة ولا منسقة, والتي قامت بها المنظمات الحقوقية ومؤسسات المجتمع المدني, عبر إشاراتها الدائمة إلى:

ضرورة تطبيق القوانین الداخلية بما يتوافق مع الاتفاقيات والمعاهدات الدولية والتي وقعت وصادقت عليها الحكومة السورية, والتوقف عن العمل بالآليات الاستثنائية والعمليات غیر القانونية في مكافحة الإرهاب من خلال احترام القوانین الداخلية والدولية والانسانية.

العمل على تعريف أصحاب القرار بطبيعة وماهية الأطر القانونية المختلفة ، ومنها القوانین الدولية الإنسانية والقوانین الدولية في مجال حقوق الإنسان والقوانین المدنية والجزائية الداخلية .

المطالبة الدائمة بضرورة التعددية حق المشاركة واعلاء قيم المواطنة والتسامح وتعميم وتعزيز قيم وثقافة حقوق الانسان.

طالبت المنظمات الحقوقية والمدنية, بضرورة الحوار الفعال مع الممارسين للإرهاب والبحث في أسباب وجذور الإرهاب والتعويض عن خسائر ضحايا العمليات الإرهابية, مما ادى الى انتشار فهما مغلوطا وخطيرا عن المنظمات الحقوقية والمدنية هو: انها تقوم بتقديم تبريرات للأعمال الإرهابية.

ومن التحديات الأخری التي تضع مؤسسات المجتمع المدني أمام صعوبات التعامل مع الرأي العام وإمكانية تعبئته في مواجهة الإرهاب، هو تطبيق القوانین التي أقرت حدیثا حول الإرهاب، هذه القوانین التي وضعت وفقا لتعاریف فضفاضة لمصطلحات مثل الإرهاب والأصولیة والتي تفتح الطریق أمام استغلال القوانین, وهذا ما ترك آثارا مدمرة علی أداء الناشطین في المؤسسات المدنیة والمنظمات الحقوقية خاصة الذین یرکزون في نشاطهم علی مکافحة العنف والإرهاب، علاوة على القيود التي تم فرضها علی نشاطات المنظمات الأهلیة، في حین أن مثل هذه القیود لیست مفیدة بل ولیست قانونیة أیضا، لأنها تمنع التعبير عن الآراء السياسة وتجعل من أنشطة الجمعيات عرضة للاستهداف وحتى للممارسات الإرهابية, وهذا ما حدث في سوريا.

ومن التحديات البينة والخطرة, هذا الحجم الهائل من السجالات الکلامیة والإشاعات والتصريحات الحكومية وغير الحكومية والشعبية, بشأن الإرهاب ومواجهته، في حین أن أغلب قطاعات المجتمع تفتقد لإمكانية الحصول علی معلومات موثقة وكذلك لفهم صحيح وموحد حول الإرهاب ومواجهته.