لكل السوريين

تركيا توافق على انضمام السويد وفنلندا للناتو.. ماذا بعد؟

“حصلنا على ما نريد”، ضجّت وسائل الإعلام التركيّة الرسمية والمعارضة بهذه الجملة، وذلك في أعقاب إعلان موافقة أنقرة على انضمام السويد وفنلندا لحلف شمال الأطلسي “الناتو”، وذلك بعد عراقيل تركيّة لانضمام البلدين الخائفين من غزوٍ روسيّ قد يطالها في أعقاب الهجوم الروسيّ على أوكرانيا.

البيان الثلاثي قال، إن البلدين سيدعمان تركيا في حربها ضدّ حزب العمال الكردستاني، تلك الحرب التي لم ينطفئ سعيرها منذ نحو أربعة عقود، ولم يغب الناتو عن دعم تركيا في هذه الحرب سواء عبر طائراته أو دعمه الاستخباراتي لأنقرة، بما معناه أن انضمام الدولتين للحلف سيُرتب عليهما المشاركة في هذه الحرب – ولو بنسبٍ متفاوتة – كون البند الخامس من ميثاق حلف الأطلسي ينصُّ على  أن “الاعتداء على أي دولة في الحلف يُمثِّل اعتداءً على كل الدول الأعضاء ويتوجب على الدول الأخرى مساعدتها في التصديّ للهجمات”.

ألزمت تركيا في فقرة أخرى، السويد وفنلندا، بإيقاف دعمهما لوحدات حماية الشعب YPG المنضوية ضمن قوات سوريا الديمقراطية الشريك الرئيس للتحالف الدولي في الحرب على تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) في سوريا، إلا أن الميدان وسبع سنوات من الشراكة بين “قسد” ودول التحالف الدولي، تقول ليس هناك دعم مباشر من البلدين للوحدات وأن الدعم العسكري المُقدَّم يرسله التحالف الدولي لقوات سوريا الديمقراطية.

ربَّ قائل، أن الموافقة التركيّة جاءت مقابل غضّ واشنطن الطرف عن اجتياح أنقرة لمناطق جديدة في شمال شرقي سوريا أو غربها تلك الواقعة تحت سيطرة قوات سوريا الديمقراطية، لكن البيت الأبيض سارع إلى الإعلان عن أن أنقرة لم تطلب أي تنازلات من واشنطن، بل أن مصادر في البيت الأبيض ذهبت لأبعد من ذلك، بقولها أن أكبر ما حصل عليه الرئيس أردوغان هو لقاء مع الرئيس جو بايدن، وهو لقاء ينتظره الرئيس أردوغان منذ أكثر من 19 شهراً.

لكن يبدو أن ملفات أكبر من طموحات التوسُّع التركيّ ستطغى على لقاءات حلف الأطلسي، فتنامي القوة الصينية والغزو الروسي لأوكرانيا يشغل الناتويين أكثر من طموحات الرئيس أردوغان بالتوسُّع جنوباً داخل الأراضي السورية، وهو الرّاغب بالحصول على نصر ولو إعلامي، لعلّه يُعيد هيبة الرئيس الذي يتجهَّز لخوض انتخابات. يقول الشارع التركيّ إن شعبيته قد بلغت أدنى مستوياتها في ظل التضخُّم الاقتصادي وتعقُّد ملف اللاجئين الموجودين في تركيا.

الغائب الحاضر في هذه التطورات هو روسيا، حيث لم يُعلق الكرملين ولا الرئيس فلاديمير بوتين والذي كان يعوِّل على موقف الرئيس التركي في رفض توسع الناتو، لكن يبدو أن الرئيس أردوغان والذي يتناوب بين الطرفين المتناقضين،  فضَّل الموقف الأميركي على الروسيّ هذه المرة، في خطوةٍ ستُغضب حاكم الكرملين، وجاء ذلك بعد ساعات من إعلان تركيا تقديم طائرات مسيّرة من نوع بيرقدار للقوات الأوكرانيّة لدعمها في حربها ضد القوات الروسيّة.

طُويت صفحة انضمام البلدين لحلف الأطلسي، إلا أن مخاوف السوريين من غزوٍ تركيٍّ جديد لا تزال موجودة وهي مخاوف مشروعة في تجاربهم السابقة، ومشاهد النزوح ما زالت حاضرة في أذهانهم، إلا أن المعطيات الميدانية والتقاربات السياسية تقول إن تركيا أبعد من ذلك، أكثر من أي وقت مضى

هوشنك حسن/ نورث برس