لكل السوريين

العنف (النفسي) السيكولوجي وأثره الكبير على الأطفال والنساء

علي سمحان

يأخذ العنف السيكولوجي (النفسي) صورة خفية وغائبة عن العين المجردة من صور السلوك الإنساني، وهي من أكثر صور السلوك خطرا وتأثيرا في حياة الفرد وشخصيته النفسية، وهو على عكس العنف الفيزيائي (الضرب) حيث لا يترك آثاره الواضحة ولا يثير الاهتمام ولا يلفت الانتباه.

قد يتواجد العنف بشكل أساسي في حياتنا الثقافية واليومية والتربوية، فالعنف الجسدي مباح ومتاح بأشكال مختلفة في الحياة، لذلك فإن الحديث عن العنف السيكولوجي (النفسي) يأخذ صورة ترف علمي لا ضرورة له وفق لما هو قائم وسائد، فالعنف ضد المرأة والطفل وضد الإنسان يمثل محاور متقاطعة مع الحياة التربوية والعامة، لذلك ما يزال البحث فيه لونا غائبا عن حياتنا، ولو بحثنا في حقيقة الأمر لقلنا أن العنف السيكولوجي لا يمكن الشعور به من شدة الحضور، فهو أشبه بالضغط الجوي الذي يحاصرنا ويحكم حركتنا دون شعورنا.

فالعنف النفسي يحفر مجراه بهدوء وتتغلغل آثاره المدمرة على مر الزمن، ويستفحل تأثيره ليؤدي في نهاية المطاف إلى تدمير التكوين النفسي للفرد، فيمكن تشبيهه بمرض السكري الذي يغافل ضحيته بهدوء وسرية تامة دون أية أعراض واضحة، ثم يتطور ليضرب التكوين العصبي للمريض فيفقده البصر ويعطل الكثير من وظائفه الحيوية، فهو كالسرطان إن لم يكتشف مبكرا فهو يؤدي إلى تحطيم البنيان وتهشيم الأركان النفسية فيحوله إلى ركام من الألم والمعاناة.

يمكن القول أنه لا يوجد في المفاهيم الفكرية الحديثة تعريفا جامعا مانعا وقاطعا للعنف النفسي، فهو لا يخرج عن كونه ممارسة مفرطة للسلطة والضبط والهيمنة، ولنعرفه يجب أن نعرف مجموعة من المؤشرات تدل عليه.

رفض الطفل: وتمثل عملية الرفض تجاهل لحضور الفرد وإنسانيته وقيمته، وهذا يؤدي إلى شعور مرير لدى الضحية وتبخيس ذاته وشعوره بانحداره من سلم الوجود الإنساني، مثال معاملة الطفل بشكل دائم بازدراء واحتقار وبأنه غير مرغوب فيه ومرفوض بين أخوته.

إهانة الطفل: من خلال تعرض الطفل للشتيمة والاستهزاء والسخرية بطريقة تنال من هويته وذاته، مثال تخجيل الطفل على الملأ واحتقاره أمام الآخرين ومعاملته على إنه أحمق وغير قادر على اتخاذ قراراته بنفسه.

إرهاب الطفل: وهذا يعني تعريض الطفل بشكل دائم للشعور بالرعب والخوف والصراخ في وجهه ووضعه في الأماكن المرعبة أو إجباره على مشاهدة أفلام الرعب وتهديده بالترك والتعذيب.

عزل الطفل: عبر تحديد المكان الحيوي الذي يعيش فيه الطفل وتقليص حريته ومنعه من الحركة والنشاط، مثال سجنه في خزانة أو منعه من اختيار أصدقائه وبناء علاقات في مجتمعه.

استغلال الطفل وافساده: عبر إجبار الطفل على قبول أفكار وأداء تصرفات منافية للقانون والعرف والتقليد، واستغلاله ماديا وماليا مثل التحرش بالأطفال.

حرمان الطفل من الدفء الإنساني: عبر أن يعامل وكأنه غير موجود ومن دون أدنى اهتمام وإظهار سلوك اللامبالاة إزاء الطفل وتجاهل رغباته وحاجاته، مثال معاملة الطفل كموضوع وليس كإنسان.

من الصعوبة بمكان اكتشاف هذا النوع من العنف، لذلك يجب على الباحث عنه متيقظا وقادرا على تحسس هذا الظاهرة وفهمها، فهناك مجموعة من المؤشرات الدالة على هذا النوع من العنف.