لكل السوريين

اجتماع موسكو الرباعي.. تضارب في التصريحات حول نتائجه واحتمالات العودة إلى المربع الأول

جاءت اجتماعات وزراء الدفاع الروسي والإيراني والتركي والسوري في موسكو، متناغمة مع مصالح الدول المشاركة فيها.

حيث عقدت قبل شهرين من الانتخابات الرئاسية التركية، في وقت يعتبر رئيس النظام التركي أن التطبيع مع الحكومة السورية ورقة رابحة لصالحه في هذه الانتخابات، ويريد توجيه رسالة للشعب التركي بأن قضية اللاجئين السوريين في طريقها الى الحل، حيث تؤثر هذه القضية بشكل كبير على مسار الانتخابات في تركيا.

كما أن إيران لها مصلحة في التطبيع بين الحكومة السورية وتركيا، لأنها منهكة اقتصادياً بسبب العقوبات الدولية عليها، ولا تستطيع تقديم المزيد من المساعدات للحكومة السورية.

وروسيا بحاجة إلى الخروج من عزلتها الدولية، وإثبات وجودها على الساحة السورية وإظهار أنها تمسك بملفات إقليمية مهمة مثل الملف السوري، ولذلك تحاول الضغط على كل الأطراف من أجل استمرار هذا المسار وتسريعه.

ولم تختلف أجندة هذا الاجتماع عن الأجندة التي طرحت خلال اجتماع نواب وزراء الخارجية الذي عقد في موسكو ولم يتوصل إلى توافقات تذكر، وتم ترحيل المسائل إلى هذا الاجتماع.

وعلى الأرجح، تم ترحيلها لاجتماع وزراء الخارجية المرتقب في الثلث الأول من الشهر الجاري، في وقت يرى محللون سياسيون أن الخلافات العميقة حول أهداف الأطراف قد تعرقل عقد هذا الاجتماع.

تضارب التصريحات

بعد انتهاء اجتماعات موسكو الرباعية، أصدرت روسيا وتركيا وإيران بيانات حول نتائجها أشارت فيها إلى “خطوات إيجابية” حول مسار بناء حوار بين النظام التركي والسوري.

وقالت وزارة الدفاع الروسية في بيان إن المشاركين في المحادثات أعطوا اهتماماً خاصاً للقضايا المتعلقة بمكافحة “كافة أشكال التهديدات الإرهابية، والجماعات المتطرفة في سوريا”.

وأعادت الوزارة تأكيد الأطراف على صيانة وحدة الأراضي السورية، وتكثيف جهودها الرامية إلى عودة اللاجئين السوريين السريعة إلى وطنهم.

وقالت وزارة دفاع النظام التركي إن الاجتماع الرباعي ناقش الخطوات الملموسة التي يمكن اتخاذها لتطبيع علاقات أنقرة ودمشق، وسبل تكثيف الجهود لإعادة اللاجئين السوريين إلى أراضيهم ومكافحة “كافة التنظيمات الإرهابية والمجموعات المتطرفة على الأراضي السورية”.

وزعم بيانها أن الاجتماع جرى “في أجواء إيجابية”، وشدد على احترام وحدة الأراضي السورية، كما شدد المجتمعون على أهمية استمرار الاجتماعات الرباعية من أجل توفير الاستقرار في سوريا والمنطقة واستمراره.

فيما قالت وزارة الدفاع السورية إن الاجتماع بحث موضوع انسحاب القوات التركية من الأراضي السورية، وتطبيق الاتفاق الخاص بطريق حلب اللاذقية الدولي، المعروف باسم طريق M4، ولم تتطرق الوزارة في بيانها لمسألة عودة اللاجئين السوريين لبلدهم، أو إيجاد حلول “لمخاوف تركيا الأمنية على الحدود السورية”.

موقف المعارضة

مع تسارع وتيرة التقارب بين تركيا والحكومة السورية أملاً في التطبيع الكامل للعلاقات بينهما، لا يستبعد مراقبون انعقاد لقاء بين الرئيسين التركي والسوري قبل الانتخابات التركية، مما يعني أن التطبيع لن يشكل بالضرورة خطوة لإنهاء حالة الحرب في سوريا.

ويعتقدون أن يكون هذا التطبيع على حساب التنظيمات التي تحسب نفسها على المعارضة، وتدور في فلك تركيا وتعتبرها حليفها الرئيسي والداعم الأول لها، ولا تزال تراهن على وعودها بعدم التخلي عنها، مما يضع هذه التنظيمات أمام خيارات صعبة.

في حين تعتبر المعارضة الوطنية السورية أن التقارب التركي الروسي طعنه في خاصرتها، وأن التقارب التركي السوري، قبل توصل النظام السوري إلى تفاهمات معها، سيؤدي إلى تغيرات جذرية في تعامل الحكومة مع المعارضة، ويعزز محاولاتها الرامية إلى انتزاع الأوراق من المعارضة واحدة تلو الأخرى بما يفقدها أهم أوراقها.

عودة إلى المربع الأول

يرى محللون سياسيون في اجتماعات موسكو “عودة إلى المربع الأول”، بسبب وجود خلافات عميقة قادرة على عرقلة عقد اجتماع على مستوى وزراء الخارجية.

ومع أن حكومة أردوغان تتحرك وفق تطورات أزماتها الداخلية وعلاقاتها مع الجانب الروسي، وترغب بمواصلة الجهود للتطبيع مع نظام دمشق، ولكنها تواجه ملفات عديدة تصعب معالجتها، وخاصة ملف اللاجئين، وموقفها من قوات سورية الديمقراطية.

إضافة إلى أن خلافاتها السياسية والعسكرية مع نظام دمشق كثيرة وقادرة على تعطيل الانتقال إلى خطوات جادة باتجاه التطبيع.

والخلاف الأهم على ما يبدو يرتبط بإصرار دمشق على انسحاب القوات التركية، مقابل تمسّك أنقرة بضرورة الاحتفاظ بقواتها على الأراضي السورية استناداً إلى الاتفاق الروسي التركي المبرم عام 2019، حول ترتيبات الوضع شمال شرق سورية، الذي سمح لتركيا بالحفاظ على الوضع الراهن في منطقة شرقي نهر الفرات.